المستوى الأول القواعد الفقهية تم فيه دراسة
متن القواعد الفقهية فضيلة الشيخ/ عزت عبيد الدعاس
شرح فضيلة الدكتور / عبد المحسن بن عبدالله الزامل
الدرس الأول
قاعدة لا ضرر ولا ضرار
س : أذكر بعض فوائد العلم وتعلمه ؟
ج : العلم من أفضل العبادات والمتعلم على طريق نجاة ، والمتعلم نفعه متعدٍ إلى غيره ، لأنه يعلم نفسه ، ويعلم غيره ، وطلب العلم عبادة عظيمة ، والذي يطلب العلم أفضل ممن يقوم ويصلى ، لأنه كما قال الإمام أحمد : (إذا تعلم فله ولغيره ، وإذا قام يصلى فله وحده) ، والتعلم يعنى أنه يجمع بين خصال الخير كلها.
س : أذكر بعض أقوال أهل العلم فى طلب العلم واجتهادهم ؟
ج : كان السلف رحمهم الله يجتهدون في طلب العلم ، وربما مضت الليالي الطويلة وهم يطلبون العلم وقد اشتهر في تراجم كثير م السلف أنهم ربما جلسوا يتذاكرون مسائل الفقه حتى يبرق الفجر ، والإمام أحمد نقل عنه مثل هذا ، وكذلك كثير من أهل العلم .. فضيل بن عرفان الضبي كان يذاكر ابن شبرمة وجماعة قال (ربما تذاكرنا الفقه حتى ينادى بآذان الفجر)، وتراجم أهل العلم في الجد في طلب العلم بحر لا ساحل له وكتب التراجم ممتلئة بقصصهم .
س : من هو الضياء صاحب المختارة ؟ وكيف كان يدارس العلم ؟
ج : هو من الأئمة الحفاظ محمد بن عبد الواحد أبو عمر المقدسي أخو صاحب المغنى رحمه الله يقول : (خرجت يوماً فلقيت خالي أبا عمر وكان سائراً فقال لا أقطع عليك قراءتك ـ لأنه لقيه ومعه الكتاب ـ لنعرض مختصر الخرقى ـ أي يعرضونه حفظاً ـ قال محمد بن عبد الواحد : فعرضت عليه مختصر الخرقى أو عرض عليه أبو عمر وهو يمسك عليه إما من حفظه أو من كتاب ، قال قرأه كله وهم سائرون فما حزم منه حرفاً. فقال أبو عمر: تعلم كم لي عن هذا المختصر أي لم أراجعه ـ قال: عام ) منذ سنة لم يراجعه.ذ
س : كيف كان أبى حاتم الرازي يتلقى الحفظ عن أبيه ؟
ج : يقول : كنت أقرأ على أبى فإذا طرق الباب بدرته بالكتاب فقرأت ، فإذا دخل وجلس قرأت عليه وهو جالس وإذا تناول طعاماً أو تناول شراباً قرأت عليه وهو يتناول وإذا قام يخرج من البيت قرأت عليه وهو يخرج وفى هذا حصل علماً كثيراً. ولهذا نجد في تفسيره المشهور لا يخلوا إسناد أول ما يقول حدثني أبى مباشرة ، وهذا التفسير نقل منه الحافظ ابن كثير علماً كثيراً .
س : ما فائدة القواعد الفقهية ؟
ج : هي أسس يبنى عليها غيرها ، وأن من كانت له قواعد وهى الأساسات قام بناؤه وانضبط واستطاع أن يبنى ، ومن كانت ليس له قواعد فإنه قد يبنى لكن ليس على ثقة من بنائه والقواعد تكون في جميع الفنون وهذه القواعد الكلية بنيت عليها الشريعة ثم تفرع عنها قواعد كثيرة وغالبها صحيح.
س : ما العلاقة بين القاعدة التى تقول (لا عبرة بالظن البين خطؤه) وقاعدة (لا عبرة بالتوهم) وما معنى التوهم ؟ج : القاعدتان فيهما شيء من التناسب والتقارب .
التوهم" هو النظر إلى الشيء بلا تحر ولا اجتهاد مجرد أن يهجم على الأمر بدون بذل النظر والتفكر فيه هذا لا عبرة به ولو ترتب على تصرفه خطأ فإنه مؤاخذ به ، ولم يزل عنه التكليف في هذا الأمر من جهة أنه لم يأخذ الأسباب الشرعية .
س : أذكر بعض الأمثلة التى يتضح بها معنى التوهم ؟
ج : مثال"(1) خفيت عليه القبلة وهو في البرية فصلى بلا اجتهاد مجرد أنه توهم أن القبلة من هنا وصلى إليها ، ثم تبين له أن القبلة ليست إلى هذه الجهة فإذا لم يكن قد اجتهد فصلاته غير صحيحة وصلاته باطلة لكونه لم يجتهد.
مثال (2)لو صلى بغير وضوء وهو يظن أنه على غير وضوء ثم تبين أنه توضأ فصلاته غير صحيحة لأنه لم يجتهد ، ولأنه لما صلى يعتقد أنه على غير وضوء ، وهو يعامل بمقتضى اعتقاده واجتهاده وظنه.
س : ما حكم من اجتهد ثم تبين أنه صلى إلى غير القبلة ؟
ج : إذا اجتهد وتبين له أنه صلى إلى غير القبلة فصلاته صحيحة ولا عبرة بالوهم ، والشريعة لم تبنى على الأوهام .
س : (لا اجتهاد مع النص) وضح ذلك .
ج إذا كان حاكماً أو مفتيا و سئل عن مسألة فيها نص وقال اجتهد نقول لا إجتهاد مع النص والواجب العمل بالنص.
س : (لا عبرة بالظن البين خطؤه) هل هذه القاعدة صحيحة أم لا ؟
ج هذه القاعدة فيها نظر وفى صحتها نظر وذلك أننا نقول إن الظن في الحقيقة معمول به في الشريعة وتلك القاعدة في الحقيقة بنيت على بعض المسائل التي هي في بعض الجوانب تختلف ولهذا نتبع الدليل في هذا ، ولو أن الإنسان اجتهد وغلب على ظنه أمر من الأمور ثم تبين خطؤه فإنه مرفوع عنه العتب ولا تكلفة عليه بعد ذلك .
س : هل قاعدة (لا عبرة بالتوهم) هى بمعنى القاعدة (اليقين يزول بالشك) ؟
ج : قاعدة اليقين لا يزول بالشك .. هذه قاعدة أصل، أما القواعد الأخرى فهي قواعد فروع يختلف العلماء فيها مثل قاعدة (لا عبرة بالتوهم).
س : من غلب على ظنه غروب الشمس وهو صائم فعجل بالفطر ثم بعد فراغه طلعت عليه الشمس فما حكم صيامه ؟ وما دليل ذلك ؟
ج : إذا اجتهد ورأى الليل أقبل والنهار أدبر والشمس قد غربت ثم أفطر ، وبعد أن فرغ طلعت عليه الشمس فصيامه صحيح لأنه لم يفرق.
-قول الجمهور"
يقولون إن الصوم لا يصح"
والصواب"
أنه يصح لما ورد في حديث أسماء رضي الله عنها لما قالت : (أنه أفطرنا في عهد الرسول rفى يوم غيم ثم طلعت الشمس) قيل أمروا بقضائها وقيل لم يؤمروا بقضائها وهذا أصح الروايات فيها أنه لم يؤمروا بقضاء.
س : ما الدليل من الكتاب والسنة على قاعدة (لا ضرر ولا ضرار) ؟
ج :
(1)من الكتاب عليها قوله تعالى
: }وَلا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ{ (البقرة: من الآية282) ،
و قوله تعالى : }وَلا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ{ (الطلاق: من الآية6) .
(2)من السنة "
قول رسول الله صلي الله عليه وسلم: (لا ضرر ولا ضرار).
س : ما معنى (لا ضرر ولا ضرار) ؟
ج أي لا يجوز الضرر ابتداءَ ولا الضرر مقابلة إلا إذا كان على سبيل القصاص
س : ما معنى (إن الضرورات تبيح المحظورات بشرط عدم نقصانها عنها) ؟
ج : ذلك أن الضرر يدفع في جميع أحواله ولكن قد يدفع الضرر بضرر آخر مكان ارتكاب المحظور الذي فيه ضرر ليدفع به ضرر أكبر منه ويشترط أن يكون المحظور الذي ارتكب أن يكون أقل ضرر من الضرر الذي يصيبه كأكل الميتة الحرام وأكلها مفسدة لكن إذا أصاب الإنسان جوع شديد قد يؤدى إلى إنهاك نفسه وهلاكها فحينئذٍ يضطر لأكل المحرم ويدفع بذلك الضرر الأكبر وهو هلاك نفسه.
س : ماذا يقصد بقوله الضرورة تقدر بقدرها ؟ وما دليل ذلك ؟
ج : هذه قاعدة متفرعة من القاعدة الأصل وهى (لا ضرر و لا ضرار) ودليل ذلك أن النبي أقر أمور كثيرة هي في الظاهر فيها ضرر لكن لأن إزالتها فيها ضرر أكبر فالنبي أقرها مثل إقراره للأعرابي البول في المسجد فيه ضرر لكن الإنكار عليه فيه ضرر أكبر ، وكذلك وجوب إنكار المنكر ضرر أكبر منه فإنه يسكت حتى يكون الوقت مناسباً ، وكذلك الذي يأكل من الميتة هل يستمر في الأكل دائماً أو يأكل بقدر حاجته فإن انتفت الضرورة يمسك عن الأكل.
س : إذا سأل رجل عن شخص تقدم للزواج من ابنته فهل نبين له أم لا نبين له ؟
ج فعليه أن يبين له الشيء الذي يعرفه عنه حتى ولو كان عيب وهو يكره بيانه وذلك لأننا متحاجون إلى هذا البيان وإن هذا في الحقيقة فيه ضرر علينا لكننا ندفع ضرراً أكبر ، لأن هذا مأمور أن ينظر في المصلحة الشرعية لموليته ولا يجوز له أن يضعها إلا فى موضع أمانة.