كوني مثلهن !
إبراهيم الحدادي
أختي المسلمة:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته....... أما بعد
قالت عائشة - رضي الله عنها -: قالت: يرحم الله نساء المهاجرات الأول، لما أنزل الله " وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِن َّ " سورة النور: 31
شققن مروطهن فاختمرن بها. رواه البخاري في صحيحه.
والاعتجار: هو الاختمار، فمعنى: فاعتجرن بها، واختمرن بها: أي غطين وجوههن.
وعنها - رضي الله عنها - قالت: " إن لنساء قريش لفضلاً، وإني والله ما رأيت أفضل من نساء الأنصار أشد تصديقاً لكتاب الله، ولا إيماناً بالتنزيل، لقد أنزلت سورة النور { وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ } [النور: 31]،
فانقلب رجالهن إليهن يتلون ما أنزل الله إليهن فيها، ويتلو الرجل على امرأته وابنته وأخته وعلى كل ذي قرابته، فما منهن امرأة إلا قامت إلى مرطها المرحل (أي الذي نقش فيه صور الرحال وهي المساكن)،
فاعتجرت به (أي سترت به رأسها ووجهها) تصديقاً وإيماناً بما أنزل الله في كتابه، فأصبحن وراء رسول الله - صلى الله عليه و سلم - "معتجرات كأن على رؤوسهن الغربان " رواه ابن أبي حاتم
فيا فتاة الإسلام:
كوني مثل أؤلئك المؤمنات الصادقات، فإنهم امتثلن أمر ربهن، وسارعن إلى لباس العفاف والطهر، لباس الحشمة، بمجرد سماعهن للدليل الواضح في دلالته الذي لا يحتمل أي تأويل.......
كوني مثل أمهاتك وأخواتك المؤمنات فإنهن على الحق، فانهجي نهجهن والزمي طريقهن، فإنهن والله سلكن خير طريق ونهجن خير نهج......
فعليك أيتها المؤمنة:
" الاستجابة إلى الالتزام بما افترضه الله من الحجاب والستر والعفة والحياء طاعةً لله - تعالى -، وطاعة لرسوله - صلى الله عليه و سلم -، قال الله عز شأنه: "وَما كانَ لمؤمنٍ ولا مؤمنةٍ إذا قضَى الله ورسولُهُ أمراً أن يُّكون لهم الخيرَةُ من أمرهمْ ومن يَّعصِ الله ورسوله فقدْ ضلَّ ضلالاً مبيناً" [الأحزاب: 36].
كيف ومن وراء افتراضه حكم وأسرار عظيمة، وفضائل محمودة، وغايات ومصالح كبيرة، منها:
1 – حفظ العِرض:
الحجاب حِرَاسةٌ شرعية لحفظ الأعراض، ودفع أسباب الرِّيبة والفتنة والفساد
2 – طهارة القلوب:
الحجاب داعية إلى طهارة قلوب المؤمنين والمؤمنات، وعمارتها بالتقوى،
وتعظيم الحرومات، وصَدَق الله - سبحانه -: [ذلك أطهر لقلوبكم وقلوبهن].
3 – مكارم الأخلاق:
الحجاب داعية إلى توفير مكارم الأخلاق من العفة والاحتشام والحياء والغيرة، والحجب لمساويها من التَلوُّث بالشَّائِنات كالتبذل والتهتك والسُّفالة والفساد.
4 – علامة على العفيفات:
الحجاب علامة شرعية على الحرائر العفيفات في عفتهن وشرفهن، وبعدهن عن دنس الريبة والشك: "ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين"، وصلاح الظاهر دليل على صلاح الباطن، وإن العفاف تاج المرأة، وما رفرفت العفة على دارٍ إلا أكسبتها الهناء.
5 – قطع الأطماع والخواطر الشيطانية:
الحجاب وقاية اجتماعية من الأذى، وأمراض قلوب الرجال والنساء، فيقطع الأطماع الفاجرة، ويكف الأعين الخائنة، ويدفع أذى الرجل في عرضه، وأذى المرأة في عرضها ومحارمها، ووقاية من رمي المحصنات بالفواحش، وَإِدباب قالة السوء، ودَنَس الريبة والشك، وغيرها من الخطرات الشيطانية.
6 – حفظ الحياء:
وهو مأخوذ من الحياة، فلا حياة بدونه، وهو خلُق يودعه الله في النفوس التي أراد - سبحانه - تكريمها، فيبعث على الفضائل، ويدفع في وجوه الرذائل، وهو من خصائص الإنسان، وخصال الفطرة، وخلق الإسلام، والحياء شعبة من شعب الإيمان، وهو من محمود خصال العرب التي أقرها الإسلام ودعا إليها، قال عنترة العبسي:
وأَغضُّ طَرفي إن بَدَت لي جارتي * حتى يُواري جارتي مأواها
فآل مفعول الحياء إلى التحلي بالفضائل، وإلى سياج رادع، يصد النفس ويزجرها عن تطورها في الرذائل.
وما الحجاب إلا وسيلة فعالة لحفظ الحياء، وخلع الحجاب خلع للحياء.
7 – الحجاب يمنع نفوذ التبرج والسفور والاختلاط إلى مجتمعات أهل الإسلام.
8 – الحجاب حصانة ضد الزنا والإباحية، فلا تكون المرأة إناءً لكل والغ.
9 – المرأة عورة، والحجاب ساتر لها، وهذا من التقوى، قال الله - تعالى -: "يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباساً يواري سوآتكم وريشاً ولباس التقوى ذلك خير" [الأعراف: 26]،
قال عبد الرحمن بن أسلم - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية: ((يتقي الله فيواري عورته، فذاك لباس التقوى)).
وفي الدعاء المرفوع إلى النبي - صلى الله عليه و سلم -: (اللهم استر عوراتي وآمن روعاتي) رواه أبو داود وغيره.
10 والحجاب أمان من اللعن والإبعاد من رحمة الله:
لأنه امتثال لأمر الله ومن امتثل أمر الله نجى من اللعنة. قال رسول الله - صلى الله عليه و سلم -: " سيكون في آخر أمتي نساء كاسيات عاريات، على رؤوسهن كأسنمة البخت، العنوهن فإنهن ملعونات ".
فيا أختي الفاضلة إلى متى وأنت:
بربك أي نهر تعبرين يزيد تقلصاً حيناً فحينا لأنكِ ربما لا تشعرينا لحد الركبتين تشمرينا كأن الثوب ظلٌ في صباح تظنين الرجال بلا شعور
أيتها المسلمة:
احرصي على الحجاب الشرعي بشروطه وضوابطه التالية:
· أن يستر جمع البدن.
· أن لا يكون زينة في نفسه.
· أن يكون سميكا غير شفاف.
· أن يكون واسعا غير ضيق.
· أن لا يكون فيه مشابهة للباس الرجال أو الكفار.
· أن لا يكون معطرا.
· أن لا يكون لباس شهرة.
أختي المسلمة:
إن الإنسان ليس معصوما من الخطأ وهذا ليس عيبا فكل يخطئ. لكن العيب كل العيب في التمادي في اقتراف المحرمات والإصرار عليها، وقد حذر الله من ذلك فقال - تعالى -:
(وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ). الحجرات 11
وحثنا - تعالى - على التوبة والرجوع إليه فقال:
(وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (النور: 31
أختي الكريمة:
وها هو ربك يناديك ويقول لك: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) (الزمر: 53)
والله يفرح بتوبة التائب وندم النادم قال - عليه الصلاة و السلام -:
(لله أفرح بتوبة عبده من أحدكم استيقظ على بعيره وقد أضله في أرض فلاة) متفق عليه
فيا أختي لا تقنطي من رحمة الله ولا تيئسي من روحه وسارعي إلى التوبة والمغفرة فإن الله أعد للمسارعين جنات عرضها السموات والأرض أعدت للمستغفرين:
(وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ) (آل عمران: 135)
فبادري بالتوبة النصوح قبل فوات الأوان وأكثري من الاستغفار فإن نبيك - صلى الله عليه و سلم - يقول:
(يا أيها الناس توبوا إلى الله واستغفروه فإني أتوب إلى الله في اليوم مائة مرة) رواه مسلم.
فالبدار البدار قبل فوات الأوان...
فالعمر قصير......
والزاد قليل....
والطريق طويلة.....
والمآل إما إلى جنة أو نار.......
وفقك الله للخير وجعلك صالحة أما وبنتا وزوجة وأختا
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم