السلام عليكم أخوانى فى الله،
لقد أعتدت دائما بعد أن أقرأ و أسمع عن الشخصيات التاريخيه- و خصوصا الأسلاميه- منها أن يكون لى موقفا منها . فأما أن أصنفها على أنها شخصيه عظيمه ضحت فى سبيل الله و اعلاء كلمته أو أصنفها على أساس أنها شخصيات أنانيه وضعت مصالحها و شهواتها قبل كل شىء و خانت لله و رسوله والمسلمين.
و لكن دائما واجهتنى بعض الشخصيات التى حق حيرتنى: أأحبها فى الله أم أبغضها فيه -سبحانه و تعالى- فلها الكثير من المآثر و التضحيه من أجل دين الله، وفى نفس الوقت لها الكثير من المصائب و المواقف المخذله.
و ممن أحترت فيهم مثلا : الحجاج بن يوسف الثقفى و الخليفه العباسى المأمون و عبد الرحمن الداخل و الحاجب المنصور و المعتمد بن عباد و غيرهم الكثير. و لذلك رأيت - والله سبحانه هو القصد قبل كل شئ - أن أعرض عليكم أخوانى - مثل تلك الشخصيات لعل نقاشنا بخصوصها يوصلنى و يوصل الحائرين أمثالى لرأى نرتاح اليه. و لقد تعرضت مع أخوانى فى موضوع سابق لشخصية المعتمد بن عباد رحمه الله و هذا رابط الموضوع لمن أراد الأطلاع عليهhttp://www.altareekh.com/vb/showthread.php?t=45908. و أعتقد أن مناقشتنا كانت شديدة الرقى و الأفاده و الحمد لله على ذلك.
وقد رأيت أن أقدم اليوم شخصيه أخرى هى شخصية :"عبد الرحمن الداخل " رحمه الله. و هى شخصيه جد فريده و رائعه و أعتقد أنه يصلح كمثال نتعلم منه الأراده و قوة الشخصيه و الطموح و الشجاعه و الحكمه و عدم اليأس. فقد هرب من العباسيين وحيدا طريدا صغيرا(سمعت أن عمره كان 19عاما)وذبح أخيه امام عينيه و دخل الأندلس وحده لا يملك الا نسبه فقط فنجح فى أن يسيطر عليها و يقضى على الصراعات القبليه البغيضه فى مده قصيره للغايه و نجح -رحمه الله- فى أن يحكم الأندلس 30عاما وورث أولاده من بعده ملكا عضوضا حتى شهد له ألد أعدائه الخليفه أبو جعفر المنصور و سماه صقر قريش.
ولكن هناك جانب آخر لشخصيه الداخل لم يتنبه اليه الكثيرون على الرغم من خطورته: لقد فصل الداخل الأندلس عن بقيه الأمه و عن دولة الخلافه ، مما أدى فى رأيى الى نتيجتين خطيرتين:
1. لقد وقفت الأندلس وحيده مفصوله عن بقيه الأمه فى وجه النصارى مما أدى الى ضعفها التدريجى ثم ضياعها بالكامل بعد ذلك.
2. لقد كانت الأندلس نقطة الأنطلاق لفتح أوروبا بأكملها - وقد كانت تلك هى الخطه الرئيسيه لموسى بن نصير رحمه الله- و لكن بفصلها عن بقية الأمه لم يعد لديها الأمكانات لأن تكمل هذا الغرض العظيم و لاحول ولا قوة الا بالله.
تخيلوا معى أخوانى ماذا لو بقيت الأندلس تحت سيطرة الخلفاء العباسيين العظام كأبى جعفر المنصور و هارون الرشيد - أى عز للأسلام كان سيؤدى اليه ذلك.
وفى النهايه أدعوكم أخوتى فى الله الى مشاركتى النقاش. و فيما يلى سيرته موجزه لتساعدنا فى الحكم عليه.
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
--------------------------------------------------------------------------
عبدالرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك (توفي 788) الملقب بصقر قريش. كان أحد الأمراء الأمويين المرشحين للخلافة في عاصمة الدولة الاموية في دمشق ، جده الخليفة هشام بن عبد الملك عاشر الخلفاء الأمويين . هرب من العباسيين عند قيام دولتهم، إلى الأندلس حيث دخلها,وسمي بذلك عبد الرحمان الداخل، وأكمل فترة الخلافة الأموية هناك الدولة الاموية في الاندلس ، حكم من 756-788.
نشأته
عبد الرحمن بن معاوية هو حفيدَ هشام بن عبد الملك الذي حكم من سنة 105 هـ= 723 إلى سنة 125 هـ= 743. نشأ عبد الرحمن في بيت الخلافة الأموي بدمشق ، وكان الفاتح الكبير مسلمة بن عبد الملك عم أبيه يرى فيه أهلا للولاية والحكم وموضعًا للنجابة والذكاء، وسمع عبد الرحمن ذلك منه مشافهة، مما أثّر في نفسه أثرًا إيجابياً.
عندما اقام العباسيون دولتهم على انقاض الدولة الاموية ، كان هدفهم تعقب الامويين والقضاء على افراد البيت الاموي, فقتلوا الأمراء وأبناء الأمراء بل وأحفادهم، وكل من توقعوا أن يكون أهلا للإمارة خشية محاوله احدهم استرداد مجدهم لآسيما في الشام ، لهذا بذلوا الجهود المضنيه لتحقيق هذا الهدف.
ونجح العباسيون في الفتك بالامويين باستثناء عبدالرحمن بن معاويه بن هشام الذي اختبأ في قريه منعزله قريبة من الفرات في سوريا ، وكان معه ابنه الطفل سليمان وكان عمره وقتها أربع سنوات ، واخ أصغر مع أختين . وعندما اكتشفت الشرطة مكانهم هرب عبدالرحمن مع اخيه الوليد بن معاوية عبر بعض البساتين فلما تعقبتها الشرطة، حاولا عبور النهر فأغراهما الشرطة أن يرجعا ولهما الأمان فرجع أخوه وغرر به وقتله العباسيون، وكان عمرة ثلاث عشر سنة، بينما نجح عبدالرحمن إلى الوصول إلى الضفة الاخرى بسلام ولم تنطلي عليه مكيدتهم ولحق به مولاه بدر طبقا لخطة سابقة.
الفرار
بعد ان فر عبد الرحمن بن معاوية من الشام وصل إلى القيروان وعمره تسع عشرة سنة ، وهناك وجد ثورة كبيرة للخوارج في الشمال الأفريقي كلّه وعلى رأسها عبد الرحمن بن حبيب، وكان قد استقلّ بالشمال الإفريقي عن الدولة العباسية، ولأنه كانت هناك كراهية شديدة بين الخوارج والأمويين فقد كان عبد الرحمن بن حبيب يسعى هو الآخر للقضاء على عبد الرحمن بن معاوية حين علم بأمره، فحين قدم عبد الرحمن بن معاوية إلى القيروان اجتمع عليه الخوارج وكادوا أن يقتلوه، فهرب من جديد إلى برقه (في ليبيا)، وظل مختبئًا فيها عند بعض أخواله هناك طيلة أربع سنوات كاملة، حتى سنة 136 هـ= 754 وكان قد بلغ من العمر ثلاث وعشرين سنة.
كانت الأندلس أصلح البلدان لاستقباله وذلك لأنها أولًا: أبعد الأماكن عن العباسيين والخوارج، ثانيًا: لأن الوضع في الأندلس ملتهب حيث انقسمت الأندلس إلى فرق عديدة متناحرة، وثورات لا نهائية، كلٌّ يريد التملك والتقسيم وفق عنصره وقبيلته .
دخوله الأندلس
بدأ عبد الرحمن بن معاوية يعدّ العدة لدخول الأندلس، فعمل على الآتي:
أولًا: أرسل مولاه بدر إلى الأندلس لدراسة الموقف، ومعرفة القوى المؤثرة في الحكم فيها.
ثانيًا: راسل كل محبي الدولة الأموية في أرض الأندلس بعد أن علِمَهم من مولاه .
ثالثًا:راسل عبد الرحمن بن معاوية البربر في الأندلس ، وطلب معونتهم ومساعدتهم، وكانوا في ذلك الوقت على خلاف شديدٍِ جدًا مع يوسف بن عبد الرحمن الفهري؛ لأنه فرّق بينهم وبين العرب، فهم يريدون أن يتخلّصوا من حكم يوسف بن عبد الرحمن الفهري الذي عاملهم بهذه العنصرية.
رابعًا: راسل كل الأمويين في كل الأماكن وأنه يعزم على دخول الأندلس ويطلب معونتهم ومددهم.
وفي ربيع الثاني سنة (138هـ ، 755) عبر عبدالرحمن المضيق وانضم إلى انصاره وزحف إلى اشبيلية واستولى عليها وبايعه اهلها ، ثم نجح في دخول قرطبة العاصمة ، بعد ان هزم جيش يوسف بن عبد الرحمن الفهري في موقعة المصارة في العاشر من ذي الحجة سنة 138هـ.
توليه الحكم
بعد موقعة المسارة والسيطرة على منطقة قرطبة والجنوب الأندلسي لُقّب عبد الرحمن بن معاوية بعبد الرحمن الداخل؛ لأنه أول من دخل من بني أمية قرطبة حاكمًا.
بويع عبدالرحمن بالامارة في قرطبة ، وأعلن نفسه أميراً على الأندلس فوق منبر مسجد قرطبة الجامع ، ولم يكن عبدالرحمن قد تجاوز السادسة والعشرين من عمره. ولم يشأ عبدالرحمن ان يعلن نفسة خليفة لان فكرة الخلافة عند فقهاء السنة في ذلك الوقت تتقتضي بان خلافة المسلمين واحدة لا تتعدد ، وان الخروج منها عصيان فضلا ان الخليفة هو حامي الحرميين الشريفين ويسيطر على الحجاز ، ولذلك اكتفى عبدالرحمن ان لقب نفسه بابن الخلائفة على اعتبار ان اجدادة من الامويين كانوا خلفاء.
ومنذ أن تولّى عبد الرحمن الداخل الأمور في بلاد الأندلس عُرفت هذه الفترة بفترة الإمارة الأموية، وتبدأ من سنة 138هـ= 755 وتنتهي سنة 316 هـ= 928 الدولة الاموية في الاندلس.
صقر قريش
حاولت الخلافة العباسية أن تضم الأندلس إلى دولتها ولكن عبد الرحمن الداخل وقف لهم وحاربهم وانتصر عليهم وهزمهم شر هزيمة ، حتى لقبه العباسيون أنفسهم بصقر قريش وهو اللقب الذي اشتهر به بعد ذلك، فقد كان أبو جعفر المنصور جالسًا مع أصحابه فسألهم: أتدرون من هو صقر قريش؟ فقالوا له : بالتأكيد هو أنت. فقال لهم: لا.فعدّدوا له أسماء حتى ذكروا له معاوية وعبد الملك بن مروان من بني أمية. فقال أيضا: لا. ثم أجابهم قائلا:" بل هو عبد الرحمن بن معاوية، دخل الأندلس منفردًا بنفسه، مؤيّدًا برأيه، مستصحبًا لعزمه، يعبر القفر ويركب البحر حتى دخل بلدًا أعجميًا فمصّر الأمصار وجنّد الأجناد، وأقام ملكًا بعد انقطاعه بحسن تدبيره وشدة عزمه".
لقد أعتدت دائما بعد أن أقرأ و أسمع عن الشخصيات التاريخيه- و خصوصا الأسلاميه- منها أن يكون لى موقفا منها . فأما أن أصنفها على أنها شخصيه عظيمه ضحت فى سبيل الله و اعلاء كلمته أو أصنفها على أساس أنها شخصيات أنانيه وضعت مصالحها و شهواتها قبل كل شىء و خانت لله و رسوله والمسلمين.
و لكن دائما واجهتنى بعض الشخصيات التى حق حيرتنى: أأحبها فى الله أم أبغضها فيه -سبحانه و تعالى- فلها الكثير من المآثر و التضحيه من أجل دين الله، وفى نفس الوقت لها الكثير من المصائب و المواقف المخذله.
و ممن أحترت فيهم مثلا : الحجاج بن يوسف الثقفى و الخليفه العباسى المأمون و عبد الرحمن الداخل و الحاجب المنصور و المعتمد بن عباد و غيرهم الكثير. و لذلك رأيت - والله سبحانه هو القصد قبل كل شئ - أن أعرض عليكم أخوانى - مثل تلك الشخصيات لعل نقاشنا بخصوصها يوصلنى و يوصل الحائرين أمثالى لرأى نرتاح اليه. و لقد تعرضت مع أخوانى فى موضوع سابق لشخصية المعتمد بن عباد رحمه الله و هذا رابط الموضوع لمن أراد الأطلاع عليهhttp://www.altareekh.com/vb/showthread.php?t=45908. و أعتقد أن مناقشتنا كانت شديدة الرقى و الأفاده و الحمد لله على ذلك.
وقد رأيت أن أقدم اليوم شخصيه أخرى هى شخصية :"عبد الرحمن الداخل " رحمه الله. و هى شخصيه جد فريده و رائعه و أعتقد أنه يصلح كمثال نتعلم منه الأراده و قوة الشخصيه و الطموح و الشجاعه و الحكمه و عدم اليأس. فقد هرب من العباسيين وحيدا طريدا صغيرا(سمعت أن عمره كان 19عاما)وذبح أخيه امام عينيه و دخل الأندلس وحده لا يملك الا نسبه فقط فنجح فى أن يسيطر عليها و يقضى على الصراعات القبليه البغيضه فى مده قصيره للغايه و نجح -رحمه الله- فى أن يحكم الأندلس 30عاما وورث أولاده من بعده ملكا عضوضا حتى شهد له ألد أعدائه الخليفه أبو جعفر المنصور و سماه صقر قريش.
ولكن هناك جانب آخر لشخصيه الداخل لم يتنبه اليه الكثيرون على الرغم من خطورته: لقد فصل الداخل الأندلس عن بقيه الأمه و عن دولة الخلافه ، مما أدى فى رأيى الى نتيجتين خطيرتين:
1. لقد وقفت الأندلس وحيده مفصوله عن بقيه الأمه فى وجه النصارى مما أدى الى ضعفها التدريجى ثم ضياعها بالكامل بعد ذلك.
2. لقد كانت الأندلس نقطة الأنطلاق لفتح أوروبا بأكملها - وقد كانت تلك هى الخطه الرئيسيه لموسى بن نصير رحمه الله- و لكن بفصلها عن بقية الأمه لم يعد لديها الأمكانات لأن تكمل هذا الغرض العظيم و لاحول ولا قوة الا بالله.
تخيلوا معى أخوانى ماذا لو بقيت الأندلس تحت سيطرة الخلفاء العباسيين العظام كأبى جعفر المنصور و هارون الرشيد - أى عز للأسلام كان سيؤدى اليه ذلك.
وفى النهايه أدعوكم أخوتى فى الله الى مشاركتى النقاش. و فيما يلى سيرته موجزه لتساعدنا فى الحكم عليه.
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
--------------------------------------------------------------------------
عبدالرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك (توفي 788) الملقب بصقر قريش. كان أحد الأمراء الأمويين المرشحين للخلافة في عاصمة الدولة الاموية في دمشق ، جده الخليفة هشام بن عبد الملك عاشر الخلفاء الأمويين . هرب من العباسيين عند قيام دولتهم، إلى الأندلس حيث دخلها,وسمي بذلك عبد الرحمان الداخل، وأكمل فترة الخلافة الأموية هناك الدولة الاموية في الاندلس ، حكم من 756-788.
نشأته
عبد الرحمن بن معاوية هو حفيدَ هشام بن عبد الملك الذي حكم من سنة 105 هـ= 723 إلى سنة 125 هـ= 743. نشأ عبد الرحمن في بيت الخلافة الأموي بدمشق ، وكان الفاتح الكبير مسلمة بن عبد الملك عم أبيه يرى فيه أهلا للولاية والحكم وموضعًا للنجابة والذكاء، وسمع عبد الرحمن ذلك منه مشافهة، مما أثّر في نفسه أثرًا إيجابياً.
عندما اقام العباسيون دولتهم على انقاض الدولة الاموية ، كان هدفهم تعقب الامويين والقضاء على افراد البيت الاموي, فقتلوا الأمراء وأبناء الأمراء بل وأحفادهم، وكل من توقعوا أن يكون أهلا للإمارة خشية محاوله احدهم استرداد مجدهم لآسيما في الشام ، لهذا بذلوا الجهود المضنيه لتحقيق هذا الهدف.
ونجح العباسيون في الفتك بالامويين باستثناء عبدالرحمن بن معاويه بن هشام الذي اختبأ في قريه منعزله قريبة من الفرات في سوريا ، وكان معه ابنه الطفل سليمان وكان عمره وقتها أربع سنوات ، واخ أصغر مع أختين . وعندما اكتشفت الشرطة مكانهم هرب عبدالرحمن مع اخيه الوليد بن معاوية عبر بعض البساتين فلما تعقبتها الشرطة، حاولا عبور النهر فأغراهما الشرطة أن يرجعا ولهما الأمان فرجع أخوه وغرر به وقتله العباسيون، وكان عمرة ثلاث عشر سنة، بينما نجح عبدالرحمن إلى الوصول إلى الضفة الاخرى بسلام ولم تنطلي عليه مكيدتهم ولحق به مولاه بدر طبقا لخطة سابقة.
الفرار
بعد ان فر عبد الرحمن بن معاوية من الشام وصل إلى القيروان وعمره تسع عشرة سنة ، وهناك وجد ثورة كبيرة للخوارج في الشمال الأفريقي كلّه وعلى رأسها عبد الرحمن بن حبيب، وكان قد استقلّ بالشمال الإفريقي عن الدولة العباسية، ولأنه كانت هناك كراهية شديدة بين الخوارج والأمويين فقد كان عبد الرحمن بن حبيب يسعى هو الآخر للقضاء على عبد الرحمن بن معاوية حين علم بأمره، فحين قدم عبد الرحمن بن معاوية إلى القيروان اجتمع عليه الخوارج وكادوا أن يقتلوه، فهرب من جديد إلى برقه (في ليبيا)، وظل مختبئًا فيها عند بعض أخواله هناك طيلة أربع سنوات كاملة، حتى سنة 136 هـ= 754 وكان قد بلغ من العمر ثلاث وعشرين سنة.
كانت الأندلس أصلح البلدان لاستقباله وذلك لأنها أولًا: أبعد الأماكن عن العباسيين والخوارج، ثانيًا: لأن الوضع في الأندلس ملتهب حيث انقسمت الأندلس إلى فرق عديدة متناحرة، وثورات لا نهائية، كلٌّ يريد التملك والتقسيم وفق عنصره وقبيلته .
دخوله الأندلس
بدأ عبد الرحمن بن معاوية يعدّ العدة لدخول الأندلس، فعمل على الآتي:
أولًا: أرسل مولاه بدر إلى الأندلس لدراسة الموقف، ومعرفة القوى المؤثرة في الحكم فيها.
ثانيًا: راسل كل محبي الدولة الأموية في أرض الأندلس بعد أن علِمَهم من مولاه .
ثالثًا:راسل عبد الرحمن بن معاوية البربر في الأندلس ، وطلب معونتهم ومساعدتهم، وكانوا في ذلك الوقت على خلاف شديدٍِ جدًا مع يوسف بن عبد الرحمن الفهري؛ لأنه فرّق بينهم وبين العرب، فهم يريدون أن يتخلّصوا من حكم يوسف بن عبد الرحمن الفهري الذي عاملهم بهذه العنصرية.
رابعًا: راسل كل الأمويين في كل الأماكن وأنه يعزم على دخول الأندلس ويطلب معونتهم ومددهم.
وفي ربيع الثاني سنة (138هـ ، 755) عبر عبدالرحمن المضيق وانضم إلى انصاره وزحف إلى اشبيلية واستولى عليها وبايعه اهلها ، ثم نجح في دخول قرطبة العاصمة ، بعد ان هزم جيش يوسف بن عبد الرحمن الفهري في موقعة المصارة في العاشر من ذي الحجة سنة 138هـ.
توليه الحكم
بعد موقعة المسارة والسيطرة على منطقة قرطبة والجنوب الأندلسي لُقّب عبد الرحمن بن معاوية بعبد الرحمن الداخل؛ لأنه أول من دخل من بني أمية قرطبة حاكمًا.
بويع عبدالرحمن بالامارة في قرطبة ، وأعلن نفسه أميراً على الأندلس فوق منبر مسجد قرطبة الجامع ، ولم يكن عبدالرحمن قد تجاوز السادسة والعشرين من عمره. ولم يشأ عبدالرحمن ان يعلن نفسة خليفة لان فكرة الخلافة عند فقهاء السنة في ذلك الوقت تتقتضي بان خلافة المسلمين واحدة لا تتعدد ، وان الخروج منها عصيان فضلا ان الخليفة هو حامي الحرميين الشريفين ويسيطر على الحجاز ، ولذلك اكتفى عبدالرحمن ان لقب نفسه بابن الخلائفة على اعتبار ان اجدادة من الامويين كانوا خلفاء.
ومنذ أن تولّى عبد الرحمن الداخل الأمور في بلاد الأندلس عُرفت هذه الفترة بفترة الإمارة الأموية، وتبدأ من سنة 138هـ= 755 وتنتهي سنة 316 هـ= 928 الدولة الاموية في الاندلس.
صقر قريش
حاولت الخلافة العباسية أن تضم الأندلس إلى دولتها ولكن عبد الرحمن الداخل وقف لهم وحاربهم وانتصر عليهم وهزمهم شر هزيمة ، حتى لقبه العباسيون أنفسهم بصقر قريش وهو اللقب الذي اشتهر به بعد ذلك، فقد كان أبو جعفر المنصور جالسًا مع أصحابه فسألهم: أتدرون من هو صقر قريش؟ فقالوا له : بالتأكيد هو أنت. فقال لهم: لا.فعدّدوا له أسماء حتى ذكروا له معاوية وعبد الملك بن مروان من بني أمية. فقال أيضا: لا. ثم أجابهم قائلا:" بل هو عبد الرحمن بن معاوية، دخل الأندلس منفردًا بنفسه، مؤيّدًا برأيه، مستصحبًا لعزمه، يعبر القفر ويركب البحر حتى دخل بلدًا أعجميًا فمصّر الأمصار وجنّد الأجناد، وأقام ملكًا بعد انقطاعه بحسن تدبيره وشدة عزمه".